ورأت فئات من الأمة أن النجاة من الغرق لا تتحقق إلا بالركوب بسفينة نوح، وهم أهل البيت، وأن الخلاص من التيه لا يدرك إلا بنجوم الهدى وهم أهل البيت، ولا يكفي الحب المجرد لأهل البيت، بل إن الموالاة هي الطريق الفرد للتعبير عن هذا الحب، والموالاة تعني أن الأمة لن تقبل إلا قيادة أهل البيت، فهم القيادة بالنص الشرعي وقد تبنت الشيعة هذه الأطر.
وأدركت السلطة خطورة هذه الدعوة، فصبت جام غضبها على من يحب أهل بيت محمد ومن يوالي أهل البيت، وأشاعت أن الذين ينادون بولاية أهل البيت هم الذين شقوا عصا الطاعة، وفرقوا الجماعة! وأن هؤلاء القوم مجوس وكفرة، فنفر الناس من كلمة التشيع حتى ليقال للإنسان أنه كافر أخف وأهون عليه من أن يقال أنه متشيع وموال لأهل بيت محمد، فكلمة الشيعة ترادفت في أذهان العامة من المسلمين مع أسوء الصفات البشرية، فالعامة من المسلمين لا يستغربون أن يكون الإنسان مسيحيا أو يهوديا أو بوذيا أو قوميا أو شيوعيا لكنهم يستغربون أن يكون الإنسان من شيعة أهل البيت!!
والسبب في ذلك أن الحكام المتغلبين قد قهروا أهل البيت بعد ابتزاز حقهم طول التاريخ، ومع أن أهل البيت لا يشكلون خطرا على الحكام، لكنهم قدروا أن الخطر الحقيقي يأتي من أولئك الذين آمنوا بعدالة قضية أهل البيت وهم الشيعة، فسخر الحكام كل وسائل إعلامهم، وكل موارد الدولة لتشويه سمعة أولئك الذين يوالون أهل البيت، واختلق الحكام وأعوانهم الأكاذيب، وصوروا من يوالي أهل البيت وكأنه العدو اللدود لدين الإسلام، وأحيانا كان الحكام يدسون عملاءهم في صفوف الشيعة، ويختلق هؤلاء العملاء الأحاديث والقصص الكاذبة، وينسبونها لأهل البيت لتنفير الناس من أهل البيت!!
لقد استطاعت وسائل الدعاية والتربية أن تخلق قناعة كاذبة، وأن تغرس هذه القناعة بالعقل الباطن لعامة المسلمين، ولكن مع جو الانفتاح والتحرر الذي ساد العالم