وقال أبو زهرة: قال فقهاء الشيعة الإمامية الاثني عشرية والإسماعيلية: إن الطلاق لا يقع من غير إشهاد عدلين لقوله تعالى " في أحكام الطلاق وإنشائه في سورة الطلاق ": * (وأشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا الشهادة لله ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) * فهذا الأمر بالشهادة جاء بعد ذكر إنشاء الطلاق وجواز الرجعة، فكان المناسب أن يكون راجعا إليه، وأن تعليل الإشهاد بأنه يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر يرشح ذلك ويقويه، لأن حضور الشهود العدول لا يخلو من موعظة حسنة يزجونها إلى الزوجين، فيكون لها مخرج من الطلاق الذي هو أبغض الحلال إلى الله سبحانه وتعالى.
وأنه لو كان لنا أن نختار للمعمول به في مصر لاخترنا هذا الرأي فيشترط لوقوع الطلاق حضور شاهدين عدلين. (1) ويؤيد رجوع الأمر بالإشهاد إلى خصوص الطلاق لا الرجعة هو أن الطلاق حلال مبغوض عند الله سبحانه، والشريعة الإسلامية شريعة اجتماعية لا ترغب في أي نوع من أنواع الفرقة لا سيما في العائلة والأسرة، بعد ما أفضى كل من الزوجين إلى الآخر بما أفضى، فالشارع بحكمته يريد تقليل وقوع الطلاق والفرقة، فكثر قيوده وشروطه على القاعدة المعروفة من أن الشئ إذا كثرت قيوده، عز أو قل وجوده، فاعتبر الشاهدين العدلين للضبط أولا وللتأخير والأناة ثانيا، وعسى إلى أن يحضر الشاهدان أو يحضر الزوجان أو أحدهما عندهما يحصل الندم ويعودان إلى الألفة كما أشير إليه بقوله تعالى: * (لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا) *، وهذه حكمة عميقة في اعتبار الشاهدين، لا شك أنها ملحوظة للشارع الحكيم مضافا إلى الفوائد الآخر، وهذا كله بعكس قضية الرجوع فإن الشارع يريد