الرحمن الرحيم: * (فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين * فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنت الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون) * (1). فأمر به المتوكل، فضرب حتى مات. (2) تجد أن الإمام الهادي عليه السلام استنبط حكم الموضوع من آية مباركة، لا يذكرها الفقهاء في عداد آيات الأحكام، غير أن الإمام لوقوفه على سعة دلالة القرآن، استنبط حكم الموضوع من تلك الآية، وكم لها من نظير. ولو أن القارئ الكريم جمع الروايات التي استشهد بها أئمة أهل البيت على مقاصدهم استشهادا تعليميا لا تعبديا لوقف على سعة آفاق القرآن.
وها نحن نذكر مثالين على سعة آفاق دلالته:
1 - إن الأصوليين تحملوا عبئا ثقيلا لإثبات كون الأمر موضوعا للوجوب ومجازا في الندب، فإذا ورد الأمر في الكتاب احتاجوا في استفادة الوجوب منه إلى نفي المدلول المجازي، بإجراء أصالة الحقيقة.
ولكن هذا النمط جار في المحاورات العرفية، والقرآن في غنى عنها في أغلب الموارد أو أجمعها، فإن لاستفادة الوجوب أو الندب في الأوامر الواردة في القرآن طريقا آخر، وهو الإيعاز بالعذاب أو النار كما نجده في كثير من الواجبات مثل الصلاة والزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال سبحانه: * (ما سلككم في سقر * قالوا لم نك من المصلين) *. (3) وقال سبحانه: * (وسيجنبها الأتقى * الذي يؤتي ماله يتزكى) * (4) بل كل ما أوعد على فعله أو تركه يستفاد منه الوجوب أو الحرمة.