المقالات يبخسون الشيعة ويصورونهم فرعا للمعتزلة، بحجة التقائهم معهم في الأصول المتقدمة، حتى أن أحمد أمين يقول: وقد قرأت كتاب الياقوت لأبي إسحاق إبراهيم من قدماء متكلمي الشيعة الإمامية، فكنت كأني أقرأ كتابا من كتب أصول المعتزلة، إلا في مسائل معدودة كالفصل الأخير من الإمامة، وإمامة علي وإمامة الأحد عشر بعده، ولكن أيهما أخذ من الآخر؟
أما بعض الشيعة فيزعم أن المعتزلة أخذوا عنهم، وأن واصل بن عطاء تتلمذ لجعفر الصادق، وأنا أرجح أن الشيعة هم الذين أخذوا من المعتزلة تعاليمهم، ونشوء مذهب الاعتزال يدل على ذلك، وزيد بن علي زعيم الفرقة الشيعية الزيدية تتلمذ لواصل، وكان جعفر الصادق يتصل بعمه زيد، ويقول أبو الفرج في مقاتل الطالبيين: كان جعفر بن محمد يمسك لزيد بن علي بالركاب ويسوي ثيابه على السرج، فإذا صح ما ذكره الشهرستاني وغيره من تتلمذ زيد لواصل فلا يعقل كثيرا أن يتتلمذ واصل لجعفر، وكثير من المعتزلة يتشيع، فالظاهر أنه عن طريق هؤلاء تسربت أصول المعتزلة إلى الشيعة. (1) يلاحظ عليه: بأن في هذا الكلام ما لا يدعمه العقل ولا النقل:
1 - نفترض صحة ما ذكره أبو الفرج من أن الإمام الصادق كان يمسك لزيد ابن علي بالركاب، لكنه لا يصح أن يكون دليلا على أن الإمام تتلمذ لعمه زيد، وبما أن زيدا ولد عام (79 ه) وعلى الأصح عام (67 ه) وولد الإمام الصادق عليه السلام (83) وكان عما له أكبر منه بأربع سنين أو أكثر كان الإمام يكرمه عملا بما نقل: " وقروا كباركم ".
2 - إن ما ذكره أن زيد بن علي تتلمذ لواصل من غرائب الأمور، فإن واصل ولد بالمدينة عام (80) وقد عرفت أن زيد بن علي ولد بسنة أو سنين قبله، وقد