3 - إن الشيخ المفيد وهو من أعاظم متكلمي الشيعة ناظر مشايخ المعتزلة، فقد ذكر تلميذه الشريف المرتضى مناظراته مع الشيخ عرزالة (1) وأبي عمر الشطوي (2) وأبي الحسن الخياط (3) في تفسير الشفاعة، كما أنه نقد مقالة أبي القاسم الكعبي في مسألة الاجتهاد، ونقل الشريف قسما من مناظراته مع بعض المعتزلة ولم يسم أسماء المناظرين. (4) وهذا تلميذه محمد الكراجكي، فقد أورد في كتابه كنز الفوائد مناظرته مع بعض المعتزلة في مسألة البداء (5) واتهامهم للشيعة بالقول بالإرجاء (6)، وأدرج رسالته الخاصة في أغلاط المعتزلة في نفس الكتاب وهي رسالة ممتعة (7)، وقال في تلك الرسالة: واعلم أن المعتزلة لها من الأغلاط القبيحة والزلات الفضيحة ما يكثر تعداده. وقد صنف ابن الراوندي كتابا في فضائحهم، فأورد فيه جملا من اعتقاداتهم وآراء شيوخهم مما ينافر العقول ويضاد شريعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وقد وردت الأخبار بذمهم من أهل البيت، ولعنهم جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام بقوله: " لعن الله المعتزلة أرادت أن توحد فألحدت، ورامت أن ترفع التشبيه فأثبتت " فمن أقبح ما تعتقده المعتزلة، وتضاهي فيه قول الملاحدة، قولهم:
إن الأشياء كلها كانت قبل حدوثها أشياء ثم لم يقنعهم ذلك حتى قالوا: إن الجواهر في حال عدمها جواهر، وأن الأعراض قبل أن توجد كانت أعراضا، حتى أن السواد عندهم قد كان في عدمه سوادا. وكذلك الحركة قد كانت قبل وجودها حركة، وسائر الأعراض يقولون فيها هذا المقال... الخ. (8)