وأشار بقوله: * (أو يرسل رسولا) * إلى الإلقاء الذي يتوسط فيه ملك الوحي، قال سبحانه: * (نزل به الروح الأمين * على قلبك) * (1) ففي الحقيقة الموحي في الأقسام الثلاثة هو الله سبحانه، تارة بلا واسطة، بالإلقاء في الروع، وأخرى بالتكلم من وراء حجاب بحيث يسمع الصوت ولا يرى المتكلم وذلك بخلق الأصوات والحروف، وثالثة بواسطة الرسول (أمين الوحي جبرائيل)، فهذه الأقسام الثلاثة الواردة في الآية المباركة.
إن موقف أئمة أهل البيت في مسألة خلق القرآن وقدمه هو الموقف الإيجابي وإنهم كانوا يرون القرآن حادثا لا قديما وإلا يلزم أن يكون القرآن إلها ثانيا.
وأما أنه مخلوق فلو أريد أنه مختلق فهو أمر باطل شبيه قول الوليد بن المغيرة الذي حكاه القرآن عنه: * (إن هذا إلا قول البشر) * (2).
وإن أريد أنه مخلوق لله، وهو منزله وهو نفس المطلوب، وقد سئل الإمام الصادق عليه السلام عن واقع القرآن فقال: هو كلام الله، وقول الله، وكتاب الله، ووحي الله وتنزيله، وهذا الكتاب العزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد (3).
ومن هنا يعلم أن مسألة خلق القرآن كانت فتنة ابتلي بها المسلمون في عصر المأمون واستغلتها النصارى لصالحهم، وأوجدت فجوة عميقة بين المسلمين وكان النزاع نزاعا بلا ثمر.