وفي خطبة أخرى: الحمد لله الذي لا تدركه الشواهد، ولا تحويه المشاهد، ولا تراه النواظر، ولا تحجبه السواتر (1).
وفي كلامه لذعلب اليماني عندما قال له: هل رأيت ربك يا أمير المؤمنين؟
فقال عليه السلام: " أفأعبد ما لا أرى؟ " فقال: وكيف تراه؟ فقال: " لا تدركه العيون بمشاهدة العيان، لكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان، قريب من الأشياء، غير ملابس، بعيد منها غير مباين " (2).
وأما ما يستدل به على جواز الرؤية في الآخرة فليس بتام، وقد استدل القائلون بجوازها قديما وحديثا بقوله سبحانه: * (وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة * ووجوه يومئذ باسرة * تظن أن يفعل بها فاقرة) * (3).
والدقة في الآيات الأربع توقفنا على أن المراد بالنظر هو انتظار الرحمة وذلك لوجهين:
1 - إنه سبحانه: يسند النظر إلى الوجوه لا العيون، فلو كان المراد من النظر هو الرؤية كان اللازم أن يقول مكان " الوجوه ": العيون.
2 - إن مقابلة بعض الآيات ببعض يرفع الإبهام عن قوله: * (إلى ربها ناظرة) * ويتعين كونه بمعنى انتظار الرحمة وذلك بالشكل التالي:
أ - * (وجوه يومئذ ناظرة) * يقابلها قوله: * (وجوه يومئذ باسرة) *.
ب - * (إلى ربها ناظرة) * يقابلها قوله: * (تظن أن يفعل بها فاقرة) *.
لا شك أن الفقرتين الأوليتين واضحتان جدا، وإنما الكلام في الفقرة الثالثة