ضرورة تكامل الأبحاث الكلامية إن المتكلمين الإسلاميين قد قاموا بواجبهم في مقابل الملحدين والثنوية والسطحيين من أهل الحديث، وأدوا ما عليهم من الرسالة، غير أن تقدم الحضارة في الأعصار الأخيرة، وتطور العلوم وتفتح العقول، أوجد تحولا كبيرا في تحليل الأبحاث والدراسات العقلية والفكرية، فلأجل ذلك أصبحت الكتب الكلامية القديمة، غير ملبية لحاجات العصر، خصوصا بالنسبة إلى الأسئلة الجديدة التي طرحها علماء النفس والاجتماع في مجال الدين والتدين، هذا من جانب. ومن جانب آخر، اعتمد الماديون في تحليل الكون على أصول خاصة ربما تورث شكوكا وشبهات في الأذهان والأوساط الإسلامية. فيجد الباحث فيها نقائص يجب رفعها.
أما أولا: فإن الكتب الكلامية التي ألفت من القرن الثالث إلى أواخر القرن الثامن أو التاسع، تبحث في نقاط ثلاث لا يهمها فعلا إلا الثالث.
أ - الأمور العامة: كالبحث عن الوجود والماهية والإمكان والوجوب والامتناع والعلة والمعلول والوحدة والكثرة، وغير ذلك من المباحث التي تعد من عوارض الموجود بما هو موجود من دون أن تختص بعوارض الموجود الطبيعي أو الرياضي. وقد عرفت ب " النعوت الكلية التي تعرض للموجود من حيث هو موجود ".
ب - الطبيعيات: كالبحث عن الجسم الطبيعي والتعليمي، وبساطته وتركبه، فلكية وأثيرية، والقوى الحيوانية والنباتية، وغير ذلك مما يرجع إلى الموجود المتخصص بكونه طبيعيا. وقد عرفت ب " الأحكام العارضة على الجسم الطبيعي بما هو واقع في التغير والتبدل ".
ج - الإلهيات: وهو البحث عن الله سبحانه وصفاته وذاته وأفعاله.
وكانت الوظيفة العليا للمتكلمين البحث عن الأمر الثالث والتركيز عليه. غير