متأثرين ببعض الشبهات الواهية التي ستقف على بعضها وجوابها. والامعان فيما ذكرنا حول الموجودات الإمكانية يوضح لزوم علمه سبحانه بالجزئيات وضوحا كاملا. ويتضح حقيقته إذا وقفت على كيفية الخلقة وإفاضة الوجود من الله سبحانه، وإليك بيانه:
إن الكون - بكل ما فيه من الذرة إلى المجرة متجدد متغير لا بعوارضه وصفاته فقط بل بجواهره وذواته. وما يتراءى للناظر من الثبات والاستقرار والجمود في عالم الطبيعة فهو من خطأ الحواس، والحقيقة غير ذلك، فالمادة بجميع ذراتها خاضعة للتغير والتبدل والسيلان في كل آن وأوان.
ومعنى التغير في عالم المادة هو تجدد وجودها وسيلان تحققها آنا بعد آن.
فكل ظاهرة مادية مسبوقة بالعدم الزماني. ووجود المادة، التي حقيقتها التدرج والسيلان، أشبه بعين نابغة يتدفق منها الماء باستمرار، فليس لها بقاء وثبات وجمود واستقرار.
فإذا كانت الخلقة وإفاضة الوجود على وجه التدريج والتجزئة، ولم يكن بإمكان المعلول الخروج عن حيطة علته، يظهر أن العالم بذراته وأجزائه، حسب صدوره من الله تعالى، معلوم له. فالإفاضة التدريجية، والحضور بوصف التدرج لديه سبحانه، يلازم علمه تبارك تعالى بالجزئيات الخارجية.
شبهات المنكرين قد عرفت برهان علمه سبحانه بالجزئيات، وبقي الكلام في تحليل الشبهات التي أثيرت في هذا المجال. وإليك بيانها:
الشبهة الأولى: العلم بالجزئيات يلازم التغير في علمه قالوا لو علم سبحانه ما يجري في الكون من الجزئيات لزم تغير علمه