و " قدره " إيجاده إياها على قدر مخصوص وتقدير معين في ذواتها وأحوالها ".
والمعتزلة أنكروا وقوع الأفعال الاختيارية الصادرة عن العبادة متعلقا للقضاء والقدر وأثبتوا علمه تعالى بهذه الأفعال، ولكن أنكروا إسناد وجودها إلى ذلك العلم، بل إلى اختيار العباد وقدرتهم (1).
ولكن الحق حسب ما تعطيه الآيات القرآنية أن كلا من القضاء والقدر على قسمين علمي وعيني، وعلى كل تقدير فنبحث عن معنى العلمي منهما ثم عن عدم استلزامه وجود الجبر في الأفعال الاختيارية للعبادة، فتارة نبحث عن كون أفعال العباد، معلومة لله سبحانه في الأزل، وأخرى عن كونها متعلقة للإرادة الأزلية، حتى يكون البحث واضحا.
أفعال العباد وعلمه الأزلي لا شك أن الله سبحانه كان عالما بكل ما يوجد في هذا الكوكب ومطلق الكون، فكان واقفا على حركة الألكترونات في بطون الذرات، وعلى حفيف أوراق الأشجار في الحدائق والغابات، وحركات الحيتان العظيمة في خضم أمواج المحيطات. كما أنه سبحانه كان عالما قبل أن يخلق العالم بأفعال المجرمين وقسوة السفاكين، وطاعة الطائعين هذا من جانب.
ومن جنب آخر إن علمه تعالى بالأمور علم بالواقع والحقيقة وهو لا يتخلف عن الواقع قيد شعرة وقد عرفت سعة علمه بالأشياء وقبل الكينونة في الآيات المتقدمة صدر الفصل. وقال سبحانه: * (ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين) * (2).
وقال سبحانه: * (قد أحاط بكل شئ علما) * (3).