وإلى أن الممكن لا يصح أن يكون خالقا لممكن آخر بالأصالة والاستقلال ومن دون الاستناد إلى خالق واجب، أشار سبحانه بقوله: * (أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون) * (1).
فهذه الآيات ونظائرها تستدل على المعارف العقلية ببراهين واضحة ولا تتركها بلا دليل. (2) سؤال وجواب السؤال: إن القول بانتهاء الممكنات إلى علة أزلية موجودة بنفسها، غير مخلوقة ولا متحققة بغيرها، يستلزم تخصيص القاعدة العقلية، فإن العقل يحكم بأن الشئ لا يتحقق بلا علة. والواجب في فرض الإلهيين شئ متحقق بلا علة، فلزم نقض تلك القاعدة العقلية.
والجواب على وجوه:
الأول: إن هذا السؤال مشترك بين الآلهي والمادي، فكلاهما يعترف بموجود قديم غير متحقق بعلة. فالإلهي يرى ذلك الموجود فوق عالم المادة والإمكان، وأن الممكنات تنتهي إليه. والمادي يرى ذلك الموجود، المادة الأولى التي تتحول وتتشكل إلى صور وحالات، فإنها عنده قديمة متحققة بلا علة. فعلى كل منهما تجب الإجابة عن هذا السؤال ولا يختص بالإلهي (3).