قائم بالخالق فلو قطعت صلته به لزم انعدامه، وكونه غير قابل للإفناء يستلزم أن لا يكون مخلوقا، فالمفروض في السؤال يستلزم تحققه - على الفرض - اجتماع النقيضين. وبهذا تقدر على الإجابة على نظائر هذه الأسئلة مثل أن يقال: هل الله قادر على خلق جسم لا يقدر على تحريكه؟ فإن هذا من باب الجمع بين المتناقضين. فإن فرض كونه مخلوقا يلازم كونه متناهيا، قابلا للتحريك، وفي الوقت نفسه فرضنا أنه سبحانه غير قادر على تحريكه!
إن هذه الفروض وأمثالها لا تضر بعموم القدرة، وإنما يغتر بها بسطاء العقول من الناس، وأما أهل الفضل والكمال فأجل من أن يخفى عليهم جوابها.
شبهات النافين لعموم القدرة قد عرفت بعض التفاصيل في هذه المسألة في صدر البحث. وقد ؟ حان وقت البحث عنها وتحليلها بشكل يناسب وضع الكتاب.
أ - الله سبحانه لا يقدر على فعل القبيح استدل النظام على أنه تعالى لا يقدر على القبيح بأنه لو كان قادرا عليه لصدر عنه، فيكون إما جاهلا بقبحه أو محتاجا إلى فعله وكلا الأمرين محال.
والإجابة عنه واضحة، إذ المقصود قدرته على القبيح وأنها بالنسبة إليه وإلى الحسن سواء. فكما هو قادر على إرسال المطيع إلى الجنة قادر على إدخاله النار. وليس هنا ما يعجزه عن ذلك العمل. لكن لما كان هذا العمل مخالفا لحكمته سبحانه وعدله وقسطه، فلا يصدر عنه. لأن القبيح لا يرتكبه الفاعل إلا لجهله بقبحه أو لحاجته إليه. وكلا الأمرين منتفيان عن ساحته المقدسة. فكم فرق بين عدم القدرة على الشئ أصلا وعدم القيام به لعدم