فأجاب الحسين - متأثرا بالعقيدة اليهودية - بقوله: " * (كل يوم هو في شأن) * فإنها شؤون يبديها لا شؤون يبتدؤها " (1).
وهذه العبارة من المسؤول تكشف عن تسرب عقيدة إلى تلك الأوساط. وهو باطل بنفس الآية لأن معناها أنه يحدث الأشياء ويبتدئ بها لا إنه يبديها بعد ما ابتدأها في الأزل. ويظهر ذلك جليا بالمراجعة إلى الأحاديث التي نقلناها عن الصحاح حول القدر، فإن مضامينها تطابق هذه النظرية، وتعرب عن أن القدر في نظر هؤلاء عامل حاكم على كل شئ.
* * * * حقيقة البداء في ضوء الكتاب والسنة إذا عرفت هذه الأمور، تقف على أن المراد من البداء عند الشيعة الإمامية ليس إلا تغيير المصير والمقدر في الأعمال الصالحة والطالحة.
فليس الإنسان في مقابل التقدير مسيرا بل هو - مخير في أن يغير التقدير بصالح أعماله أو بطالحها، حتى أن هذا (تمكن الإنسان من تغيير المصير بالعمل) أيضا جزء من تقديره سبحانه.
فبما أنه سبحانه * (كل يوم هو في شأن) *. وبما أن مشيئته حاكمة على التقدير، وبما أن العبد مختار لا مسير، فله أن يغير مصيره ومقدره بحسن فعله ويخرج نفسه من عداد الأشقياء ويدخلها في عداد السعداء، كما أن له عكس ذلك.
وبما أن الله * (لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) * (3). فالله سبحانه يغير قدر العبد بتغيير من العبد بحسن عمله أو سوئه. ولا يعد تغيير