لا نتصور لإرادته تعالى معنى غير إعمال القدرة والسلطنة، ولما كانت سلطنته تعالى تامة من جميع الجهات والنواحي، ولا يتصور النقص فيها أبدا، فبطبيعة الحال يتحقق الفعل في الخارج ويوجد صرف إعمال القدرة من دون توقفه على أية مقدمة أخرى، كما هو مقتضى قوله سبحانه: * (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) * " (1).
يلاحظ عليه إن إعمال القدرة والسلطنة إما اختياري له سبحانه أو اضطراري، ولا سبيل إلى الثاني لأنه يستلزم أن يكون تعالى فاعلا مضطرا ولا يصح توصيفه بالقدرة ولا تسميته بالقادر. وعلى الأول، فما هو ملاك كونه فاعلا مختارا؟. لا بد أن يكون هناك قبل إعمال السلطنة وتنفيذ القدرة شئ يدور عليه كونه فاعلا مختارا، فلا يصح الاكتفاء بإعمال القدرة.
وباختصار، إن الاكتفاء بإعمال القدرة من دون إثبات اختيار له في مقام الذات بنحو من الأنحاء، غير مفيد.
د - إرادته سبحانه نسبة تمامية السبب إلى الفعل إن العلامة الطباطبائي (قدس سره) جعل إرادته سبحانه صفة فعله، نظير الخلق والرحمة. فالكل منتزع من مقام الايجاد والفعل. قال:
" تمامية الفعل من حيث السبب إذا نسبت إلى الفعل سميت إرادة له، فهو مراد له تعالى.
وإذا نسبت إليه تعالى كانت إرادة منه فهو مريد، كما أن كل ما يستكمل به الشئ في بقائه فهو رزق، والشئ مرزوق، والله تعالى رازق " (2).