بقضاء الله، وإن عدلت أبقى بتقدير منه سبحانه، ولكل تقدير مصير، فأيهما فعلت فقد اخترت ذلك المصير.
ثم إن في القرآن الكريم آيات كثيرة بصدد بيان السنن الإلهية السائدة على المجتمع الإنساني التي تعد الكل منه تقديره وقضاءه سبحانه، والمجتمع محكوم بنتائج هذه السنن حكما قطعيا وقضاء باتا، ولكن له الاختيار في سلوك أي طريق شاء. ولأجل إيقافك على بعض هذه السنن التي تعد من القضاء والقدر العينيين الكليين نشير إلى بعضها:
السنن الإلهية في المجتمع البشري ننقل في هذا الباب بعض الآيات التي تنص على قوانين كلية وسنن إلهية سائدة على المجتمع البشري من غير فرق بين مجتمع وآخر وإنما المهم هو اختيار أحد جانبي تلك السنن.
1 - قال سبحانه حاكيا عن شيخ الأنبياء نوح: * (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا) * (1).
فترى أن نوحا (عليه السلام) يجعل الاستغفار سببا مؤثرا في نزول المطر وكثرة الأموال وجريان الأنهار، ووفرة الأولاد وإنكار تأثير الاستغفار في هذه الكائنات أشبه بكلمات الملاحدة وموقف الاستغفار هنا موقف العلة التامة أو المقتضي بالنسبة إليها والآية تهدف إلى أن الرجوع إلى الله وإقامة دينه وأحكامه يسوق المجتمع إلى النظم والعدل والقسط وفي ظله تتركز القوى على بناء المجتمع على أساس صحيح، فتصرف القوى في العمران والزراعة وسائر مجالات المصالح الاقتصادية العامة، كما أن العمل على خلاف هذه السنة، وهو رجوع المجتمع عن الله وعن الطهارة في القلب والعمل، ينتج خلاف ذلك.