وهناك صنف آخر، وإن كان أقل من سابقه، مطروح لكل الناس والفيلسوف وغيره في التشوق إلى فهمه متساويان ومن هذا القسم فهم القضاء والقدر في الكتاب والسنة وموقع الإنسان بالنسبة إليهما، وهل للإنسان في مقابل التقدير اختيار وحرية، وأن ما قدر في الأزل، وقضي به لا يسلب حريته، أو أن الإنسان بعد التقدير والقضاء، كالريشة المعلقة في الهواء تقلبها الرياح كيفما مالت، وهل الإنسان على مسرح الحياة ممثل أو مشاهد. فالمتعمقون من الناس يميلون إلى الأول، والسطحيون إلى الثاني. ولأجل ذلك ترى أن القضاء والقدر لعب دورا كبيرا في آداب الأمم وأشعارهم، فترى أن كل شاعر وأديب يفسر القضاء والقدر على الوجه الذي يناسب نزعاته أو يؤيده بيئته وظروفه الاجتماعية ومن هنا نرى تناقضا واضحا للغاية بين الأدباء والكتاب في تحليل هذا الأصل.
إن مسألة التقدير - لأجل الخصيصة الماضية - قد ابتليت بتفسيرين مختلفين لا يجتمعان أبدا، بينهما بعد المشرقين، فالمأثور الصحيح عن النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته وبعض الصحابة أنه لا صلة بين الاعتقاد بالقضاء والقدر وتبرير المعاصي والمساوي عن ذلك الطريق وأن القضاء والقدر ليسا سالبين للاختيار بل مؤيدان لحرية الإنسان في حياته.
وفي مقابلهم جماعة سطحيون من الناس تدرعوا بالقضاء والقدر، وأخذوا يبررون أفعالهم فيهما وكأنه ليس في الحياة عامل مؤثر سواهما، وإن الإنسان في حياته مشاهد لما خطط من قبل، وليس ممثلا لشئ من الأشياء.
ولأجل إيقاف القارئ على موقف كلا الطائفتين، نورد كلماتهم في هذا المجال:
موقف النبي وأهل بيته وبعض الصحابة 1 - قال النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله): " سيأتي زمان على أمتي