كذبا، وعلمه جهلا وذلك محال. فثبت أن السعيد لا ينقلب شقيا وأن الشقي لا ينقلب سعيدا ". ثم استشهد لكلامه بما روي عن عمر أنه قال:
" لما نزل قوله تعالى * (فمنهم شقي وسعيد) * قلت: يا رسول الله فعلى ماذا نعمل؟ على شئ قد فرغ منه، أم على شئ لم يفرغ منه، فقال: على شئ قد فرغ منه يا عمر، وجفت به الأقلام، وجرت به الأقدار، ولكن كل ميسر لما خلق له ". قال: وقالت المعتزلة: نقل عن الحسن أنه قال:
فمنهم شقي بعمله وسعيد بعمله. قلنا الدليل القاطع لا يدفع بهذه الروايات وأيضا فلا نزاع أنه إنما شقي بعمله وإنما سعد بعمله. ولكن لما كان ذلك العمل حاصلا بقضاء الله وقدره، كان الدليل الذي ذكرناه باقيا " (1). فقد استفاد الرازي من الآية إن السعادة والشقاء من الأمور الذاتية للموصوف بهما حتى قال إن السعيد لا ينقلب شقيا.
وأما الثاني: فقد روى المحدثون عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: " الشقي من شقي في بطن أمه. والسعيد من سعد في بطن أمه " (2).
تحليل الشقاوة والسعادة في الآية والحديث إن البحث في هذا المجال يتم في ضمن جهات:
الجهة الأولى - في تقسيم الناس إلى شقي وسعيد.
إن الناظر في الآيات الماضية لا يدرك سوى أن هناك جماعة متصفون بالسعادة وأخرى بالشقاوة، وأما كونهما ذاتيين لموصوفيهما أو ثابتين بإرادة أزلية لا يتخلف مرادها عنها، أو يثبتان لهما عن اكتساب وعمل مع كون الموضوعين خاليين عنهما بالنظر إلى ذاتيهما، فلا نظر في الآيات إلى شئ