إذا تعرفت على الأقوال نذكر مقدمة وهي:
إن السماع في الإنسان يتحقق بأجهزة وأدوات طبيعية وذلك بوصول الأمواج الصوتية إلى الصماخ، ومنها إلى الدماغ المادي ثم تدركه النفس.
غير أنه يجب التركيز على نكتة وهي: إن وجود هذه الأدوات المادية هل هو من لوازم تحقق الإبصار والسماع في مرتبة خاصة كالحيوان والإنسان، أو أنه دخيل في حقيقتها بصورة عامة؟ لا شك أن هذه الآلات والأدوات التي شرحها العلم بمشراطه إنما هي من خصوصيات الإنسان المادي الذي لا يمكنه أن يقوم بعملية الاستماع والإبصار بدونها. فلو فرض لموجود أنه يصل إلى ما يصل إليه الإنسان من دون هذه الأدوات فهو أولى بأن يكون سميعا بصيرا، لأن الغاية المتوخاة من السماع والإبصار هي حضور الأمواج والصور عند النفس المدركة، فلو كانت الأمواج والصور حاضرة عند موجود بلا إعمال عمل فيزيائي أو كيميائي فهو سميع بصير أيضا لتحقق الغاية بنحو أتم وأعلى.
وقد ثبت عند البحث عن مراتب علمه أن جميع العوالم الإمكانية حاضرة لديه سبحانه، فالأشياء على الاطلاق، والمسموعات والمبصرات خصوصا، أفعاله سبحانه، وفي الوقت نفسه علمه تعالى، فالعالم بجواهره وأعراضه حاضر لدى ذاته وعلى هذا فعلمه بالمسموع كاف في توصيفه بأنه سميع كما أن علمه بالمبصر كاف في توصيفه بأنه بصير.
نعم ليس علمه بالمسموعات أو المبصرات مثل علمه سبحانه بالكليات، وبذلك تقف على الفرق بين القول الأول والثالث.
إجابة عن سؤال إذا كان حضور المسموعات والمبصرات لديه سبحانه مصححا لتوصيفه بالسميع والبصير فليكن هذا بعينه مصححا لتوصيفه بأنه لامس ذائق شام؟