في الخارج، فهذا هو الواجب لذاته. وإما أن يكون متساوي النسبة إلى الوجود والعدم فلا يستدعي أحدهما أبدا، ولأجل ذلك قد يكون موجودا وقد يكون معدوما، وهو الممكن لذاته، كأفراد الإنسان وغيره.
وهذا التقسيم، دائر بين الايجاب والسلب ولا شق رابع له، ولا يمكن أن يتصور معقول لا يكون داخلا تحت هذه الأقسام الثلاثة.
الأمر الثاني: وجود الممكن رهن علته.
إن الواجب لذاته بما أنه يقتضي الوجود من صميم ذاته، لا يتوقف وجوده على وجود علة توجده لاستغنائه عنها. كما أن الممتنع حيث يستدعي من صميم ذاته عدم وجوده فلا يحتاج في الاتصاف بالعدم إلى علة. ولأجل ذلك قالوا إن واجب الوجود في وجوده، وممتنع الوجود في عدمه، مستغنيان عن العلة، لأن مناط الحاجة إلى العلة هو الفقر والفاقة، والواجب، واجب الوجود لذاته. والممتنع، ممتنع الوجود لذاته. وما هو كذلك لا حاجة له في الاتصاف بأحدهما إلى علة. فالأول يملك الوجود لذاته، والثاني يتصف بالعدم من صميم الذات.
وأما الممكن فبما أن مثله إلى الوجود والعدم كمثل مركز الدائرة إلى محيطها لا ترجيح لواحد منهما على الآخر، فهو في كل من الاتصافين يحتاج إلى علة تخرجه من حالة التساوي وتجره إما إلى جانب الوجود أو جانب العدم.
نعم، يجب أن تكون علة الوجود أمرا متحققا في الخارج، وأما علة العدم فيكفي فيها عدم العلة. مثلا: إن طرد الجهل عن الإنسان الأمي وإحلال العلم مكانه، يتوقف على مبادئ وجودية، وأما بقاؤه على الجهل وعدم العلم فيكفي فيه عدم تلك المبادئ.
الأمر الثالث: في بيان الدور والتسلسل وبطلانهما.