من غابر الزمان ومن يعيش في الحاضر في مناطق العالم أو سوف يأتي ويعيش فيها. ففي النظرة الأولى تتجلى تلك الحوادث شرا وبلية. ولكن هذه الحوادث في الوقت نفسه وبنظرة ثانية تنقلب إلى الخير والصلاح وتكتسي خلع الحكمة والعدل والنظم. ولبيان ذلك نحلل بعض الحوادث التي تعد في ظاهرها من الشرور فنقول:
إن الإنسان يرى أن الطوفان الجارف يكتسح مزرعته، والسيل العارم يهدم منزله، والزلزلة الشديدة تزعزع بنيانه، ولكنه لا يرى ما تنطوي عليه هذه الحوادث والظواهر من نتائج إيجابية في مجالات أخرى من الحياة البشرية.
وما أشبه الإنسان في مثل هذه الرؤية المحدودة بعابر سبيل يرى جراقة تحفر الأرض، أو تهدم بناء محدثة ضوضاء شديدا ومثيرة الغبار والتراب في الهواء، فيقضي من فوره بأنه عمل ضار وسيئ وهو لا يدري بأن ذلك يتم تمهيدا لبناء مستشفى كبير يستقبل المرضى ويعالج المصابين ويهئ للمحتاجين إلى العلاج وسائل المعالجة والتمريض.
ولو وقف على تلك الأهداف النبيلة لقضى بغير ما قضى، ولوصف ذلك التهديم بأنه خير، وأنه لا ضير فيما حصل من الضوضاء وتصاعد من الأغبرة.
إن مثل هذا الإنسان المحدود النظر في تقييمه، مثل الخفاش الذي يؤذيه النور لأنه يقبض بصره، بينما يبسط هذا النور ملايين العيون على آفاق الكون ويسهل للإنسان مجالات السعي والحياة. أفهل يكون قضاء الخفاش على النور بأنه شر ملاكا لتقييم هذه الظواهر الطبيعية المفيدة؟ كلا، لا.
الأمر الثاني - الظواهر حلقات في سلسلة طويلة إن النظر في ظاهرة من الظواهر منعزلة عن غيرها، نظرة ناقصة