الذات الإلهية، فجعلوا كون الشئ وصفا ملازما للزيادة وعارضا على الذات، فوقعوا في محذور خاص وهو أن إثبات الصفات يستلزم تركب الذات من ذات ووصف أولا، وخلو الذات عن الكمال كما تقدم في كلامهم، ولأجل رفع هذين المحذورين ذهبوا إلى نفي الصفات وقيام الذات منابها.
ولكنهم لو وقفوا عن أن ما اتخذوه ضابطة (كون الصفة غير الذات) ليس ضابطة كلية وإنما يختص ببعض الموجودات الإمكانية، لوقفوا على أن من الممكن أن تبلغ الذات في الكمال والجمال مرتبة عالية تكون نفس العلم والانكشاف ونفس القدرة والحياة، ولم يدل دليل على أن الصفة في جميع المراتب عرض قائم بالذات بل لهذه الأوصاف عرض عريض ومراتب متفاوتة. ففي مرتبة يكون العلم عرضا، كما في علمنا بالأشياء الخارجية، وفي مرتبة يكون جوهرا كما في علمنا بأنفسنا، وفي مرتبة يكون واجبا نفس الذات كما سيوافيك بيانه، وعدم إطلاق الصفة على مثل هذا العلم لغة، لا يضرنا لأن الحقائق لا تقتنص عن طريق اللغة. ولو كان الداعي إلى القول بالنيابة هو التحفظ على التوحيد وبساطة الذات، فالتوحيد ليس رهن القول بها فقط، بل هو كما يحصل بها، يحصل بالقول الآخر الذي يتضمن عينية الصفات والذات، مع الاعتراف بواقعية الصفة فيها وبذلك يتميز عن القول بالنيابة.
الثاني: نظرية الأشاعرة إن الأشاعرة ذهبت إلى وجود صفات كمالية زائدة على ذاته سبحانه مفهوما ومصداقا، فلا تعدو صفاته صفات المخلوقين إلا في القدم والحدوث فالصفات في الواجب والممكن زائدة على الذات غير أن صفات الأول قديمة وفي غيره حادثة.