فهم لا يقيمون للعلل الطبيعية وزنا، فعامل الحمى في المريض هو الله سبحانه وليس للجراثيم دور في ظهورها فيه، ومثل ذلك سائر الظواهر الطبيعية من تفتح الأزهار ونمو الأشجار، فالكل مخلوق لله سبحانه بلا واسطة ولا تسبيب سبب من الأسباب.
وعلى هذا الأصل جعلوا أفعال العباد مخلوقة لله سبحانه مباشرة، ولم يقيموا للقدرة الحادثة في العبد وزنا ولم يعترفوا بتأثيرها في فعله فصار كل ما في الكون من آثار الفاعلين، عالمين كانوا أم لا، صادرا منه سبحانه مخلوقا له. (1).
تحليل نظرية الأشاعرة إن تفسير التوحيد في الخالقية بهذا المعنى، بما أنه لا يستند إلى دليل عقلي بل يستند إلى ظواهر الآيات التي وقفت عليها، فلا مناص في تحليله من الرجوع إلى نفس الذكر الحكيم حتى يعلم أنه غير معترف بهذا التفسير بل ينكره جدا.
إن الآيات القرآنية تعترف بوضوح بقانون العلية والمعلولية بين الظواهر الطبيعية وتسند الآثار إلى موضوعاتها وفي الوقت نفسه تسندها إلى الله سبحانه - حتى لا يغتر القارئ بأن آثار الموضوعات متحققة من تلقاء نفسها.
والآيات الواردة في هذا المجال كثيرة نكتفي بالقليل منها.
1 قال سبحانه: * (وأنزل من السماء ماءا فأخرج به من الثمرات رزقا لكم) * (2).