عن طريق الصور المرتسمة القائمة بذاته سبحانه وعند ذلك يكون التغير في المعلوم ملازما لتغير الصور القائمة به ويلزم على ذلك كون ذاته محلا للتغير والتبدل.
وأما لو قلنا بأن علمه سبحانه بالجزئيات علم حضوري بمعنى أن الأشياء بهوياتها الخارجية وحقائقها العينية، فعله سبحانه وفي الوقت نفسه علمه، فلا مانع من القول بطروء التغير على علمه سبحانه إثر طروء التغير على الموجودات العينية. فإن التغير الممتنع على علمه إنما هو العلم الموصوف بالعلم الذاتي وأما العلم الفعلي، أي العلم في مقام الفعل، فلا مانع من تغيره كتغير فعله. فإن العلم في مقام الفعل لا يعدو عن كون نفس الفعل علمه لا غير. وإلى ذلك يشير المحقق الطوسي بقوله: " وتغير الإضافات ممكن " (1).
أي إن التغير إنما هو في الإضافات لا في الذات. والمقصود من الإضافات هو فعله الذي هو علمه، ولا مانع من حدوث التغير في الإضافات والمتعلقات من دون حدوث تغير في الذات.
الشبهة الثانية: إدراك الجزئيات يحتاج إلى آلة إن إدراك الجزئيات يحتاج إلى أدوات مادية وآلات جسمانية، وهو سبحانه منزه عن الجسم ولوازم الجسمانية.
والجواب عن هذه الشبهة واضح، ذلك أن العلم بالجزئيات عن طريق الأدوات المادية إنما هو شأن من لم يحط الأشياء إحاطة قيمومية، ولم تكن الأشياء قائمة به حاضرة لديه، كالإنسان، فإن علمه بها لما كان عن طريق انتزاع الصور بوسيلة الأدوات الحسية كان إدراك الجزئيات متوقفا على تلك الأدوات وإعمالها.