قال: كنت أريد بمناظرته أن ألزمه القول بتكليف ما لا يطاق، فإذا التزمه ولم يستح، فبم ألزمه؟.
وبذلك تعرف مدى وهن ما ذكره أبو الحسن الأشعري في لمعه، وإليك نصه:
" فإن قال قائل: هل لله تعالى أن يؤلم الأطفال في الآخرة؟ قيل له:
لله تعالى ذلك، وهو عادل إن فعله ".. إلى أن قال.. " ولا يقبح منه أن يعذب المؤمنين، ويدخل الكافرين الجنان. وإنما نقول إنه لا يفعل ذلك، لأنه أخبرنا إنه يعاقب الكافرين وهو لا يجوز عليه الكذب في خبره " (1).
أدلة الأشاعرة على نفي التحسين والتقبيح العقليين الدليل الأول الله مالك كل شئ يفعل في ملكه ما يشاء استدل الأشعري على مقالته بقوله: " والدليل على أن كل ما فعله فله فعله، أنه المالك، القاهر، الذي ليس بمملوك، ولا فوقه مبيح، ولا آمر، ولا زاجر، ولا حاظر، ولا من رسم له الرسوم، وحد له الحدود. فإذا كان هذا هكذا، لم يقبح منه شئ، إذا كان الشئ إنما يقبح منا، لأنا تجاوزنا ما حد ورسم لنا، وأتينا ما لم نملك إتيانه. فلما لم يكن الباري مملوكا ولا تحت آمر، لم يقبح منه شئ. فإن قال: فإنما يقبح الكذب لأنه قبحه، قيل له: أجل، ولو حسنه لكان حسنا، ولو أمر به لم يكن عليه اعتراض.
فإن قالوا: فجوزوا عليه أن يكذب، كما جوزتم أن يأمر بالكذب.
قيل لهم: ليس كل ما جاز أن يأمر به، جاز أن يوصف به " (2).