فلم يبق إلا القول بانتهاء الممكنات إلى الواجب بالذات، القائم بنفسه، المفيض للوجود على غيره.
برهان الإمكان في الذكر الحكيم إن الذكر الحكيم طرح معارفه وأصوله مدعومة بالبراهين الجلية، ولم يكتف بمجرد الدعوى بلا دليل، فهو كالمعلم يلقي دروسه على تلاميذه بالبينة والبرهان. فالاستدلال بهذه الآيات ليس كاستدلال الفقيه بها على الفروع، فإن الفقيه أثبت أن الوحي حجة فأخذ بتفريع الفروع وإقامة الحجة عليها من الوحي، بل الاستدلال بها في هذا الموقف الذي نحن فيه كالاستدلال بسائر البراهين الموروثة عن الحكماء والمتألهين. وقد أشار سبحانه في الآيات التالية إلى شقوق برهان الإمكان.
فإلى أن حقيقة الممكن، حقيقة مفتقرة لا تملك لنفسها وجودا وتحققا ولا أي شئ آخر، أشار بقوله * (يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد) * (1).
ومثله قوله سبحانه: * (وأنه هو أغنى وأقنى) * (2).
وقوله سبحانه: * (والله الغني وأنتم الفقراء) * (3).
وإلى أن الممكن، ومنه الإنسان، لا يتحقق بلا علة، ولا تكون علته نفسه، أشار سبحانه بقوله:
* (أم خلقوا من غير شئ أم هم الخالقون) * (4).