ثمرات التحسين والتقبيح العقليين (3) الله عادل لا يجور إن مقتضى التحسين والتقبيح العقليين - على ما عرفت - هو أن العقل بما هو هو - يدرك أن هذا الشئ - بما هو هو - حسن أو قبيح، وأن أحد هذين الوصفين ثابت للشئ، بما هو هو من دون دخالة ظرف من الظروف أو قيد من القيود، ومن دون دخالة درك مدرك خاص.
وعلى ذلك فالعقل في تحسينه وتقبيحه يدرك واقعية عامة، متساوية بالنسبة إلى جميع المدركين والفاعلين، من غير فرق بين الممكن والواجب. فالعدل حسن ويمدح فاعله عند الجميع، والظلم قبيح يذم فاعله عند الجميع. وعلى هذا الأساس فالله سبحانه، المدرك للفعل ووصفه أعني استحقاق الفاعل للمدح أو الذم من غير خصوصية للفاعل، كيف يقوم بفعل ما يحكم بأن فاعله مستحق للذم، أو يقوم بفعل ما يحكم بأنه يجب التنزه عنه؟
وعلى ذلك فالله سبحانه عادل، لأن الظلم قبيح ومما يجب التنزه عنه، ولا يصدر القبيح من الحكيم، والعدل حسن ومما ينبغي الاتصاف به، فيكون الاتصاف بالعدل من شؤون كونه حكيما منزها عما لا ينبغي.
وإن شئت قلت: إن الإنسان يدرك أن القيام بالعدل كمال لكل أحد.