ضدها، فعند ذلك يكون الحسن قبيحا والقبيح حسنا.
فإن قلت: إن الشيخ الرئيس جعل المشهورات أعم مما هو من مبادئ الجدل، فأدخل فيها الأوليات حيث قال في صدر كلامه: " أما المشهورات من هذه الجملة فمنها أيضا هذه الأوليات ونحوها مما يجب قبوله ومنها الآراء المسماة ب (المحمودة) وربما خصصناها باسم (المشهورة) إذ لا عمدة لها إلا الشهرة ".
قلت: ما ذكرتم صحيح، فإن المشهورات عنده أعم من اليقينيات وغيرها حتى إن الأوليات لها اعتباران، فمن حيث إنه يعترف بها عموم الناس تعد مشهورات، ومن حيث إنه يحكم بها محض العقل ويجب قبولها يقينيات. وفي مقابل هذا القسم، قسم آخر للمشهورات وهي غير يقينيات ويتوقف العقل الصرف في الحكم بها، ولكن لعموم الناس بها اعتراف وتسمى " آراء محمودة "، وربما يخصص هذا القسم باسم المشهورات.
فالمشهورات تقال بالاشتراك المعنوي على ما يعم اعتراف الناس بها، ولها قسمان: يقينيات، وغير يقينيات. ولكن الشيخ ومن تبعه عدوا التحسين والتقبيح من القسم الثاني، وهو يستلزم إنكار التحسين والتقبيح العقليين وما بني عليه من الأحكام، فلاحظ.
ما هو الملاك للحكم بحسن الأفعال وقبحها؟
إذا كان محل النزاع ما ذكرنا من إدراك العقل حسن الفعل أو قبحه بالنظر إلى ذاته مع غض النظر عما يترتب عليه من التوالي، فيقع الكلام في أن العقل كيف يقضي بالحسن والقبح، وما هو الملاك في قضائه؟
إن الملاك لقضاء العقل هو أنه يجد بعض الأفعال موافقا للجانب الأعلى من الإنسان والوجه المثالي في الوجود البشري، وعدم موافقة بعضها الآخر لذلك.
وإن شئت قلت: إنه يدرك أن بعض الأفعال كمال للموجود الحي