" إن هذه الألفاظ التي تجري في العبارات القرآنية والأحاديث النبوية لها معان ظاهرة، وهي الحسية التي نراها. وهي محالة على الله تعالى، ومعان أخرى مجازية مشهورة يعرفها العربي من غير تأويل ولا محاولة تفسير.
فإذا سمع اليد في قوله (صلى الله عليه وآله) " إن الله خمر آدم بيده " و " إن قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن "، فينبغي أن يعلم أن هذه الألفاظ تطلق على معنيين: أحدهما وهو الوضع الأصلي وهو عضو مركب من لحم وعظم وعصب. وقد يستعار هذا اللفظ أعني اليد لمعنى آخر ليس هذا المعنى بجسم أصلا، كما يقال: " البلدة في يد الأمير "، فإن ذلك مفهوم وإن كان الأمير مقطوع اليد. فعلى العامي وغير العامي أن يتحقق قطعا ويقينا أن الرسول لم يرد بذلك جسما وأن ذلك في حق الله محال. فإن خطر بباله أن الله جسم مركب من أعضاء، فهو عابد صنم. فإن كل جسم مخلوق، وعبادة المخلوق كفر، وعبادة الصنم كانت كفرا، لأنه مخلوق " (1).
ولقد أحسن الغزالي حيث جعل تفسير اليد في مثل قوله سبحانه:
* (يد الله فوق أيديهم) * بالقدرة، معنى للآية من غير تأويل، وتوضيحا لها من دون محاولة تفسيرها. وهذا ما سنركز عليه بعد البحث عن عقيدة المؤولة ونقول إن الواجب اتباع ظاهر الآية والسنة بلا انحراف عنه سواء أكان موافقا لمعانيها الحرفية والإفرادية أم لا، وهذه هي المزلقة الكبرى للحنابلة ونفس الإمام الأشعري، فزعموا أن الواجب اتباع معانيها الحرفية سواء أكانت موافقة للظاهر أم لا.
الثالث التفويض وقد ذهب جمع من الأشاعرة وغيرهم إلى إجراء هذه الصفات على الله سبحانه مع تفويض المراد منها إليه.