كان الموجود منزها من الغيبة والجزئية والتبعض وكان موجودا بسيطا جمعيا دون أجزاء وأبعاض، كانت ذاته حاضرة لديها حضورا كاملا مطلقا. وبذلك نشاهد حضور ذواتنا عند ذواتنا لكن لا بمعنى حضور أبعاض أجسامنا وأبداننا بل بمعنى حضور الواقعية الإنسانية المعبر عنها بلفظة " أنا " المنزهة عن الكم والبعض والتجزئة. فلو فرضنا موجودا على مستوى عال من التجرد والبساطة عاريا عن كل عوامل الغيبة التي هي من خصائص الكائن المادي، كانت ذاته حاضرة لديه. وهذا معنى علمه سبحانه بذاته أي حضور ذاته لدى ذاته بأتم وجه لتنزهه عن المادية والتركب والتفرق كما سيوافيك برهان بساطته عند البحث عن الصفات السلبية.
وهناك دلائل أخر تركناها روما للاختصار. غير أن هناك جماعة ينفون علمه بذاته وإليك بيان مذهبهم:
العلم بالذات يستلزم التغاير استدل النافون لعلمه سبحانه بذاته بأن العلم نسبة قائمة بين العالم والمعلوم والنسبة إنما تكون بين الشيئين المتغايرين، ونسبة الشئ إلى نفسه محال إذ لا تغاير ولا اثنينية. وباختصار: الشئ الواحد أعني سبحانه تعالى، بما هو شئ واحد، لا تتصور فيه نسبة.
وقد أجاب عنه المحققون بما هذا حاصله: إن التعدد والتغاير إنما هو في العلم الحصولي لأنه عبارة عن إضافة العالم إلى الخارج بالصورة الذهنية، ففيه الصورة المعلومة غير الهوية الخارجية. وأما العلم الحضوري فلا يشترط فيه التغاير خارجا بل يكفي التعدد اعتبارا.
مثلا: إنه سبحانه بما أن ذاته غير غائبة عن ذاته فهو عالم، وبما أن الذات حاضرة لديها فهي معلومة.
وبعبارة أخرى: إن إطلاق العلم والعالم والمعلوم لأجل حيثيات