الموانع التي يتوقف عليها حدوثها، لا يتعين لها التحقق والثبوت.
فإذا تمت عللها الموجبة لها، وكملت ما تتوقف عليه من الشرائط وارتفاع الموانع، خرجت من التردد والإبهام وتعين لها أحد الطرفين وهذا هو القضاء وإلى ذلك يشير قوله سبحانه: * (فإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون) * (1).
وقال سبحانه: * (قضي الأمر الذي فيه تستفتيان) * (2) " (3).
وبذلك يظهر أن التقدير، بمعنى إفاضة الحد على الشئ، والقضاء بمعنى إفاضة الضرورة على وجود الشئ، من صفاته الفعلية سبحانه، وإليه يشير الإمام الصادق (عليه السلام) في قوله: " إن القضاء والقدر خلقان من خلق الله والله يزيد في الخلق ما يشاء " (4).
وإنما يكون القضاء والقدر مخلوقين لله تعالى من حيث إن وجود أية ظاهرة يكون ملازما مع قدره الذي يعطي لها الحد والمقدار، ويخصصها بشكل خاص كما يكون ملازما مع القضاء الذي هو ضرورة وجودها من قبل علتها فخالق الشئ خالق قدره وخالق قضائه.
التقدير مقدم على القضاء إذا كان التقدير بمعنى تحديد وجود الشئ والحد الذي يتحدد به فهو مقدم على القضاء بمعنى ضرورة وجوده، لأن الشئ إنما يتحدد بكل جزء من أجزاء العلة فإن كل واحد منها يؤثر أثره في المعلول على حدثه. فحيث إن أجزاء العلة تتحقق قبل تمامها، وكل جزء منها يؤثر أثره في محيطه،