برهان النظم بتقرير ثان الانسجام آية دخالة الشعور في وجود الكون إن التقرير السابق لبرهان النظم كان يعتمد على ملاحظة كل ظاهرة مادية، مستقلة ومنفصلة عن سائر الظواهر، فالنظام السائد على الخلية منفصلا عن سائر الظواهر، كان محل البحث والنظر.
ومثله سائر الظواهر المادية ذات الأنظمة البديعة كحركة الشمس والقمر وغيرها، غير أنه يمكن تقرير هذا البرهان بشكل آخر يعتمد على الانسجام السائد على العالم، والاتصال البديع بين أجزائه فيستدل بالانسجام والاتصال على أن ذاك النظام المتصل المنسجم إبداع عقل كبير وعلم واسع، ولولا لما لا تحقق ذلك النظام المعجب المتصل المتناسق.
إن الأبحاث العلمية كشفت عن الاتصال الوثيق بين جميع أجزاء العالم وتأثير الكل في الكل، حتى إن صفصفة أوراق الشجر غير منقطعة عن الريح العاصف في أقاصي بقاع الأرض، وحتى إن النجوم البعيدة التي تحسب مسافاتها بالسنين الضوئية، مؤثرة في حياة النبات والحيوان والإنسان، وهذا الانسجام الوثيق، الذي جعل العالم كمعمل كبير يشد بعضه بعضا، أدل