ينحصر تقريره بصورة واحدة. وبهذا يعلم سر تركيز القرآن على ذاك البرهان، وفي الآية التالية إشارات إليه. قال سبحانه: * (إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون) * (1).
* * * إشكال على برهان النظم:
اعترض الفيلسوف الانكليزي ديفيد هيوم (2) على برهان النظم بما حاصله: أن أساس برهان النظم كما توهمه هيوم وفلاسفة الغرب قائم على أننا شاهدنا أن جميع المصنوعات البشرية المنظمة لا تخلو من صانع ماهر، فالبيت لا ينشأ بلا بناء، والسفينة لا توجد بلا عمال، فلا بد للكون المنظم من صانع خالق أيضا لشباهته بتلك المصنوعات البشرية.
ثم انتقد هذا الاستدلال بأنه مبني على التشابه بين الكائنات الطبيعية، والمصنوعات البشرية. ولكن هذا التشابه بمجرده لا يكفي لسحب وتعدية حكم أحدهما إلى الآخر لاختلافهما، فإن مصنوعات البشر موجود صناعي بينما الكون موجود طبيعي فهما صنفان لا تسانخ بينهما، فكيف يمكن أن نستكشف من أحدهما حكم الآخر؟
وصحيح أننا جربنا مصنوعات البشر فوجدناها لا توجد إلا بصانع