الثالث: نظرية الإمامية: عينية الصفات والذات هذه النظرية لا تعني نظرية النيابة، فإن تلك مبنية على نفي العلم والقدرة عنه سبحانه، غير أن ما يترقب منهما يترتب على ذاته سبحانه، وقد اشتهر قول تلك الطائفة: " خذ الغايات واترك المبادي "، فما هو المطلوب من العلم تقوم به الذات وإن لم يكن فيها علم ولا قدرة. أولئك هم المعروفون بنفاة الصفات، وقد فروا من مضاعفات القول بالصفة أعني التركب، إلى نفي الصفات رأسا، وهو أشبه بالفرار من المطر إلى تحت الميزاب.
وأما نظرية العينية فهي تعترف بوجود العلم والقدرة في مقام الذات ولكن تدعي أن العرضية ليست أمرا لازما للعلم، بل تارة يكون عرضا وأخرى يكون جوهرا كعلم النفس بذاتها، وثالثة فوق العرض والجوهر فيكون واجبا قائما بنفسه، فهذا يباين نظرية نفاة الصفات مباينة الشرق للغرب.
والدليل على العينية هو أن القول باتحاد ذاته سبحانه مع صفاته يوجب غناءه في العلم بما وراء ذاته عن غيره، فيعلم بذاته كل الأشياء من دون حاجة إلى شئ وراء الذات وهذا بخلاف القول بالزيادة فإنه يستلزم افتقاره سبحانه في العلم بالأشياء وخلقه إياها إلى أمور خارجة عن ذاته، فهو يعلم بالعلم الذي هو سوى ذاته ويخلق بالقدرة التي هي خارجة عن حقيقته، ويحيا بحياة غير ذاته، والواجب سبحانه منزه عن الاحتياج إلى غير ذاته، فهو غني في ذاته وفعله عمن سواه، والأشاعرة وإن كانوا قائلين بأزلية الصفات مع زيادتها على الذات، لكن الأزلية لا تدفع الفقر والحاجة عنه، لأن الملازمة غير العينية فكون ذاته سبحانه ملازمة لهذه الصفات المغايرة من الأزل غير كونها نفس هذه الصفات.
وباختصار، إن كون الصفات عندهم غير الذات عين القول بحاجته في العلم والإيجاد إلى غير ذاته فإن نتيجة فصل الذات عن الصفات هي إنه