الرابع التأويل أن المعتزلة هم المشهورون بهذه النظرية حيث يفسرون اليد بالنعمة و القدرة، والاستواء بالاستيلاء وإظهار القدرة. وسيظهر حقيقة التأويل في هذه الآية عندما نورد عبارات تفسير (الكشاف) الذي ألف على نمط اعتزالي.
ويلاحظ عليهم، أن تأويل نصوص الآيات وظواهرها مع قطع النظر عن مورد الصفات الخبرية، ليس بأقل خطرا من نظرية الإثبات، إذ ربما ينتهي التأويل إلى الالحاد وإنكار الشريعة (1).
وما أقبح قول من يقول: " إن ظاهر القرآن يخالف العقل الصحيح، فيجب ترك النقل لأجل صريح العقل ".
أو يقول: " التمسك في أصول العقائد بمجرد ظواهر الكتاب والسنة من غير بصيرة، هو أصل الضلالة، فقالوا بالتشبيه والتجسيم والجهة عملا بظاهر قوله:
* (الرحمن على العرش استوى) * (2).
وذلك لأنه لا يوجد آية في الكتاب العزيز يخالف ظاهرها صريح العقل، فإن ما يتخيلونه ظاهرا ليس بظاهر، بل الآية ظاهرة في غير ما تصوروه، وإنما خلطوا الظاهر الحرفي بالظاهر الجملي. فإن اليد مفردة ظاهره في العضو الخاص وليست كذلك فيما إذا حفت بها القرائن وجعلتها ظاهرة في معنى آخر. فإن قول القائل في مدح إنسان أنه " باسط اليد "، أو في ذمه بأنه " قابض اليد "، ليس ظاهرا في اليد العضوية التي أسميناها بالمعنى الحرفي بل ظاهر في البذل والعطاء أو في البخل والاقتار وربما يكون مقطوع اليد. وحمل الجملة على غير ذلك المعنى، حمل على غير ظاهرها.