والقبيح ولكن كونه حكيما يصده عن إيجاد الثاني ويخص فعله بالأول، وهذا صادق في كل فعل له قسمان: حسن وقبيح مثلا الله قادر على إنعام المؤمن وتعذيبه، وتام الفاعلية بالنسبة إلى الكل ولكن لا يصدر منه إلا القسم الحسن منهما لا القبيح، فكما لا يستلزم القول بصدور خصوص الحسن دون القبيح (على القول بهما) كونه ناقصا في الفاعلية فهكذا القول بصدور الفعل المقترن بالمصلحة دون المجرد عنها، وإنعام المؤمن ليس مرجوحا ولا مساويا مع تعذيبه بل أولى به وأصلح لكن معنى صلاحه وأولويته لا يهدف إلى استكماله أو استعادته منه بل يهدف إلى أنه المناسب لذاته الجامعة للصفات الكمالية، المنزهة عن خلافها، فجماله وكماله، وترفعه عن ارتكاب القبيح، يطلب الفعل المناسب له وهو المقارن للحكمة والتجنب عن مخالفتها.
دليل ثالث للأشاعرة وهناك دليل ثالث لهم حاصله أن غرض الفعل خارج عنه، يحصل تبعا له وبتوسطه ربما أنه تعالى فاعل لجميع الأشياء ابتداء فلا يكون شئ من الكائنات إلا فعلا له، لا غرضا لفعل آخر لا يحصل إلا به، ليصلح غرضا لذلك الفعل وليس جعل البعض غرضا أولى من البعض (1).
وكان عليه أن يقرر الدليل بصورة كاملة ويقول لو كان البعض غاية للبعض فإما أن ينتهي إلى فعل لا غاية له فقد ثبت المطلوب أو لا فيتسلسل وهو محال.
يلاحظ عليه:
أولا: لا يشك من أطل بنظره إلى الكون أن بعض الأشياء بما فيها من الآثار خلق لأشياء أخر فالغاية من إيجاد الموجودات الدانية كونها في خدمة العالية منها وأما الغاية في خلق العالية هي إبلاغها إلى حد تكون مظاهر