إلى غير ذلك من الآيات المخصصة للهداية والإضلال بالله تعالى.
أما الجواب: فإن تحليل أمر الهداية والضلالة الذي ورد في القرآن الكريم من المسائل الدقيقة المتشعبة الأبحاث ولا يقف على المحصل من الآيات إلا من فسرها عن طريق التفسير الموضوعي، بمعنى جمع كل ما ورد في هذين المجالين في مقام واحد، ثم تفسير المجموع باتخاذ البعض قرينة على البعض الآخر. وبما أن هذا الطراز من البحث لا يناسب وضع الكتاب، نكتفي بما تمسك به الجبريون في المقام من الآيات لإثبات الجبر، وبتفسيرها وتحليلها يسقط أهم ما تسلحوا به من العصور الأولى.
حقيقة الجواب تتضح في التفريق بين الهداية العامة التي عليها تبتنى مسألة الجبر والاختيار، والهداية الخاصة التي لا تمت إلى هذه المسألة بصلة.
الهداية العامة الهداية العامة من الله سبحانه تعم كل الموجودات عاقلها وغير عاقلها، وهي على قسمين:
أ - الهداية العامة التكوينية، والمراد منها خلق كل شئ وتجهيزه بما يهديه إلى الغاية التي خلق لها: قال سبحانه حاكيا كلام النبي موسى (عليه السلام): * (ربنا الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى) * (1). وجهز كل موجود بجهاز يوصله إلى الكمال، فالنبات مجهز بأدق الأجهزة التي توصله في ظروف خاصة إلى تفتح طاقاته، فالحبة المستورة تحت الأرض ترعاها أجهزة داخلية وعوامل خارجية كالماء والنور إلى أن تصير شجرة مثمرة معطاءة. ومثله الحيوان والإنسان. فهذه الهداية عامة لجميع الأشياء ليس فيها تبعيض وتمييز.