السؤال الثاني ما معنى السعادة والشقاء الذاتيين؟
قد اشتهر في ألسن الباحثين عن الجبر والاختيار القول بأن الناس على صنفين سعيد وشقي، وأن سعادة كل وشقاءه مكتوب في علمه الأزلي سبحانه أولا، ومحكوم بأحدهما آن كونه جنينا في بطن أمه، وهذا يكشف عن أن الشقاء والسعادة ذاتيان، فكيف يمكن الحكم بالاختيار معهما.
أما الأول: أي كون كل واحد مكتوبا بأحد الوصفين في علمه الأزلي، فيستظهر من قوله سبحانه: * (يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه، فمنهم شقي وسعيد * فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق * خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد * وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ) * (1).
قال الرازي في تفسير الآية: إعلم أنه تعالى حكم الآن على بعض أهل القيامة بأنه سعيد، وعلى بعضهم بأنه شقي، ومن حكم الله عليه يحكم وعلم فيه ذلك الأمر، امتنع كونه بخلافه، وإلا لزم أن يصير خبر الله تعالى