البشر. فله يد وعين، لا كأيدينا وأعيننا وبذلك توفقوا على حسب زعمهم في الجمع بين ظواهر النصوص ومقتضى التنزيه.
تحليل هذه النظرية لا شك إنه يجب على كل مؤمن الإيمان بما وصف الله به نفسه، وليس أحد أعرف به منه، يقول سبحانه: * (أأنتم أعلم أم الله) * (1). كما إنه ليس لأحد أن يصرف كلامه سبحانه في أي مورد من الموارد عما يتبادر من ظاهره من دون قرينة قطعية تستوجب ذلك. فإن قول المؤولة الذين يؤولون ظواهر الكتاب والسنة بحجه أن ظواهرها لا توافق العقل مردود إذ لا يوجد في الكتاب والسنة الصحيحة ما يخالف العقل، وإن ما يتصورونه ظاهرا ويجعلونه مخالفا للعقل ليس ظاهر الكتاب المتبادر منه، وإنما يتخيلونه ظاهرا كما سيبين.
ثم إن ما جاء به الأشاعرة في هذه النظرية وقولهم بأن لله يدا حقيقة بلا كيف مثلا لا يرجع إلى معنى صحيح. وذلك أن العقيدة الإسلامية تتسم بالدقة والحصافة، وفي الوقت نفسه بالسلامة من التعقيد والإبهام، وتبدو جلية مطابقة للفطرة والعقل السليم. وعلى ذلك فإبرازها بصورة التشبيه والتجسيم المأثور من اليهودية والنصرانية، كما في النظرية الأولى، أو بصورة الإبهام والإلغاز كما في هذه، لا يجتمع مع موقف الإسلام والقرآن في عرض العقائد على المجتمع الإسلامي. فالقول بأن لله يدا لا كأيدينا، أو وجها لا كوجوهنا، وهكذا سائر الصفات الخبرية أشبه بالألغاز. وما يلهجون به ويكررونه من أن هذه الصفات تجري على الله سبحانه بنفس معانيها الحقيقية ولكن الكيفية مجهولة، أشبه بالمهزلة. إذ لو كان إمرارها على الله