في تكون الظواهر والحوادث، لا مناص له عن القول بالجبر، وهو مصير خاطئ يستلزم بطلان بعث الأنبياء وإنزال الكتب.
تمثيل خاطئ ربما يتمسك في تحليل علمه سبحانه بمثال خاص ويقال إن باستطاعة كثير من الأساتذة أن يتكهنوا بمستقبل تلامذتهم، فإن المعلم الذي يعرف حدود السعي والعمل والاستعداد في تلميذه المعين، يستطيع أن يتكهن بنجاح التلميذ أو رسوبه بصورة قاطعة، فهل نستطيع أن نقول إن علم المعلم بوضع التلميذ صار علة لعدم نجاحه في الامتحان بحيث لو تكهن المعلم بعكس هذا، لكان النجاح حليف التلميذ، أو إن السبب في فشله في الامتحان هو تكاسله أيام الدراسة وإهماله طول السنة الدراسية مطالعة ومباحثة الكتاب المقرر. وبل لم يصرف وقته إلا في الشهوات.
إن هذا التمثيل نافع للأذهان البسيطة التي لا تفرق بين علم المعلم، وعلمه سبحانه. وأما العارف بخصوصية علمه تعالى وأنه نفس ذاته، وذاته علة لما سواه، فهو يرى قياس أحد العلمين بالآخر قياسا خاطئا، فإن علم المعلم ليس في سلسلة علل الحوادث، وفي مورد المثال رسوب التلميذ أو نجاحه. وهذا بخلاف علمه تعالى فإنه في سلسلة العلل، بل تنتهي إليه جميع الأسباب والمسببات. وقد عرفت أن القضاء عند الفلاسفة عبارة عن علمه بما ينبغي أن يكون عليه الوجود حتى يكون على أحسن النظام وأكمل الانتظام، وهو المسمى عندهم بالعناية التي هي مبدأ الفيضان الموجودات، من حيث جملتها على أحسن الوجوه وأكملها. فعند ذلك يصبح التمثيل في مقام الإجابة أجنبيا عن الإشكال (1).
والحق في الإجابة ما ذكرنا من أن علمه العنائي الذي هو السبب لظهور