وهذا التعريف للحياة إنما يشير إلى آثار الحياة لا إلى بيان حقيقتها، وهي آثار مشتركة بين أفراد الحي ومع ذلك كله نرى البعد الشاسع بين الحياة النباتية والحياة البشرية. فالنبات الحي يشتمل على الخصائص الأربع المذكورة، ولكن الحياة في الحيوان تزيد عليها بالحس والشعور وهذا الكمال الزائد المتمثل في الحس والشعور لا يجعل الحيوان مصداقا مغايرا للحياة، بل يجعله مصداقا أكمل لها. كما أن هناك حياة أعلى وأشرف وهي أن يمتلك الكائن الحي مضافا إلى الخصائص الخمس، خصيصة الادراك العلمي والعقلي والمنطقي، (1) وعلى ذلك فالخصائص الأربع قدر مشترك بين جميع المراتب الطبيعية وإن كانت لكل مرتبة من المراتب خصيصة تمتاز بها عما دونها.
وليعلم أن علماء الطبيعة ذكروا هذا التعريف واكتفوا به لأنه لم يكن لهم هدف إلا الإشارة إلى الحياة الواقعة في مجال بحوثهم. وأما الحياة الموجودة خارج عالم الطبيعة فلم تكن مطروحة لديهم عند اشتغالهم بالبحث عن الطبيعة.
تعريف الحياة بنحو آخر لا شك أن الحياة النباتية غير الحياة الحيوانية في الكيفية، وهكذا سائر المراتب العليا للحياة. ولكن ذلك لا يجعل الكلمة مشتركا لفظيا ذا معان متعددة. بل هي مشترك معنوي يطلق بمعنى واحد على جميع المراتب لكن بعملية تطوير وتكامل.
توضيحه: إن الحياة المادية في النبات والحيوان والإنسان - بما أنه حيوان تقوم بأمرين، وأكثرما يمارسه الإنسان من الحياة هو ما ذكرنا من خصائص الحياة الطبيعية المادية. وأما الأمران فهما عبارة عن: