واحد بطلت الحياة والقدرة، فهو حين الفعل يفعل بقوة مفاضة منه وحياة كذلك من غير فرق بين الحدوث والبقاء. إلى أن قال: إن للفعل الصادر من العبد نسبتين واقعيتين إحداهما نسبته إلى فاعله بالمباشرة باعتبار صدوره منه باختياره وإعمال قدرته، وثانيهما نسبته إلى الله تعالى باعتبار أنه معطي الحياة والقدرة في كل آن وبصورة مستمرة حتى في آن اشتغاله بالعمل (1).
وهذا التمثيل مع كونه رفيع المنزلة في تبيين المقصود إلا أن الفلاسفة الإلهيين لا يرضون بالقول بأن النفس تستخدم القوى كمن يستخدم كاتبا أو نقاشا قائلين بأن مقام النفس بالنسبة إلى قواها أرفع من ذلك لأن مستخدم البناء لا يلزم أن يكون بناء، ومستخدم الكاتب لا يكون كاتبا، ومستخدم القوة السامعة والباصرة (النفس) لا يجب أن يكون سميعا وبصيرا. مع أن النفس هي السميعة البصيرة، فإذا كانت نسبة النفس إلى قواها فوق التسبيب والاستخدام فكيف مثله سبحانه وهو الخالق القيوم وما سواه قائم به قوام المعنى الحرفي بالاسمي.
ولذا فإن لهم تمثيلا آخر في المقام وهو التالي:
ب الفعل فعل العبد وفي الوقت نفسه فعل الله إن بعض المحققين من الإمامية وفي مقدمهم معلم الأمة الشيخ المفيد وبعده صدر المتألهين وتلاميذ نهجه يرون الموقف أدق من ذلك ويعتقدون أن للفعل نسبة حقيقية إلى الله سبحانه، كما أن له نسبة حقيقية إلى العبد، ولا تبطل إحدى النسبتين الأخرى، ونأتي لتبيين ذلك بمثالين:
أحدهما، ما ذكره معلم الأمة الشيخ المفيد (ت 336 ف 413)، على ما حكاه عنه العلامة الطباطبائي في محاضراته، ولم أقف عليه في كتب الشيخ المفيد وهو: