والكيميائية، فالعلية هناك تبدل المادة إلى غيرها في ظل شرائط وخصوصيات توجب التبدل وليس هناك حديث عن الإيجاد والإعطاء.
وعلى ذلك فالتفويض أي استقلال الفاعل في الفعل يستلزم انقلاب الممكن وصيرورته واجبا في جهتين:
الأولى: الاستغناء في جانب الذات من حيث البقاء.
الثانية: الاستغناء في جانب نفس الفعل مع أن الفعل ممكن مثل الذات.
الوجه الرابع: إن القول بالتفويض يستلزم الشرك، أي الاعتقاد بوجود خالقين مستقلين أحدهما العلة العليا التي أحدثت الموجودات والكائنات والإنسان، والأخرى الإنسان بل كل الكائنات فإنها تستقل بعد الخلقة والحدوث في بقائها أولا وتأثيراتها ثانيا.
فلو قالت المعتزلة بالتفصيل بين الكائنات والإنسان ونسبت آثار الكائنات إلى الواجب بحجة أنها لا تنافي العدل دون الإنسان يكون التفصيل بلا دليل.
ثم إن القوم استدلوا على المسألة العقلية (غناء الممكن في بقائه عن العلة) بالأمثلة المحسوسة، منها: بقاء البناء والمصنوعات بعد موت البناء والصانع، ولكن التمثيل في غير محله لأن البناء والصانع فاعلان للحركة أي ضم بعض الأجزاء إلى بعض والحركة تنتهي بانتهاء عملهما فضلا عن موتهما. وأما بقاء البناء والمصنوعات فهو مرهون للنظم السائد فيهما فإن البناء يبقى بفضل القوى الطبيعية الكامنة فيه، التي أودعها الله سبحانه في صميم الأشياء فليس للبناء والصانع فيها صنع، وأما الهيئة والشكل فهما نتيجة اجتماع أجزاء صغيرة، فتحصل من المجموع هيئة خاصة وليس لهما فيها أيضا صنع.