الداعي. فالوالد المشفق قادر على ذبح ولده، ولكن الدواعي إلى هذا الفعل منتفية، ولا يصدر هذا الفعل إلا من جاهل شقي أو محتاج معدم.
فالنظام خلط بين عدم القدرة وعدم الداعي.
ب - عدم قدرته تعالى على خلاف معلومه ذهب عباد بن سليمان الصيمري إلى عدم سعة قدرته قائلا بأن ما علم الله تعالى وقوعه، يقع قطعا، فهو واجب الوقوع، وما علم عدم وقوعه لا يقع قطعا، فهو ممتنع الوقوع. وما هو واجب أو ممتنع لا تتعلق به القدرة، إذ القدرة تتعلق بشئ يصح وقوعه ولا وقوعه. والشئ الذي صار - حسب تعلق علمه - أحادي التعلق، أي ذا حالة واحدة حتمية، لا يقع في إطار القدرة.
مثلا: إذا علم سبحانه وتعالى ولادة رجل في زمن معين، يكون وجوده في ذاك الزمن قطعيا ومعلوما، فلا تتعلق قدرته بعدمه الذي هو خلاف ما علم. لأن المفروض أن وجوده صار واجبا وعدمه صار ممتنعا، لكون علمه كاشفا عن الواقع كشفا تاما.
والإجابة عنه بوجهين: أما أولا - فلأن لازم ما ذكره أن لا تتعلق قدرته بأي شئ أصلا. لأن كل شئ إما أن يكون معلوم التحقق في علمه سبحانه أو معلوم العدم. فالأول واجب التحقق، والثاني ممتنعه. فيكون كل شئ داخلا في أحد هذين الإطارين، فيلزم أن يمتنع توصيفه بالقدرة على أي شئ، وهو مسلم البطلان.
وثانيا - إن ابن عباد لم يفرق بين الواجب بالذات والواجب بالغير، كما لم يفرق بين الممتنع بالذات والممتنع بالغير. فالمانع من تعلق القدرة هو الوجود والامتناع الذاتيان، لا الوجود والامتناع الغيريان اللاحقان بالشئ من جانب وجود علته ومن جانب عدم علته.