تكون مسبوقة بالإرادة أولا، فعلى الأول يلزم عدم كونها أفعالا اختيارية وإن كانت أفعالا إرادية، وذلك لأن الإرادة السابقة على تلك المبادئ إرادة غير اختيارية وغير مسبوقة بإرادة أخرى، وإلا ينقل الكلام إليها ويلزم التسلسل.
وعلى الثاني يلزم عدم كونها فعلا إراديا للنفس أيضا، بل تكون أفعالا صادرة عن النفس بلا إرادة.
الجواب الثالث: ما ذكره شيخ المشايخ العلامة الحائري وحاصله.
إن ما اشتهر من أن الإرادة لا تتعلق بها الإرادة ولا تكون مسبوقة بأخرى أمر غير صحيح بل تتحقق الإرادة لمصلحة في نفسها.
قال: " الدليل على ذلك هو الوجدان لأنا نرى إمكان أن يقصد الإنسان البقاء في المكان الخاص عشرة أيام بملاحظة أن صحة الصوم والصلاة تامة تتوقف على القصد المذكور، مع العلم بعدم كون هذا الأثر مرتبا على نفس البقاء واقعا فتتعلق بالإرادة، إرادة " (1).
يلاحظ عليه: إنه لا يقلع الإشكال أيضا، إذ غايته كون الإرادة الأولى اختيارية لسبقها بإرادة ثانية وأما الإرادة الثانية فهي بعد باقية على صفة غير الاختيارية، لأن الميزان في الفعل الاختياري حسب معايير القوم كونه مسبوقا بالإرادة فلو سلمت هذه القاعدة لصارت الإرادة الثانية غير اختيارية.
الجواب الرابع: ما ذكره العلامة الطباطبائي في ميزانه وحاصله: إن الحوادث بالنسبة إلى علتها التامة واجبة الوجود، وبالنسبة إلى أجزاء عللها ممكنة الوجود، فهذا هو الملاك في أعمال الإنسان وأفعاله فلها نسبتان:
نسبة إلى علتها التامة ونسبة إلى أجزائها، فالنسبة الأولى ضرورية وجوبية، والنسبة الثانية نسبة ممكنة. وكل فعل من الأفعال ضروري الوجود بملاحظة علله التامة وممكن بملاحظة أجزاء علته (2).