ذلك من الكلمات المأثورة من كبار المفكرين وأعاظم الفلاسفة والمعنيين بتحليل الظواهر الطبيعية، فإنك تراهم يعترفون بجهلهم وعجزهم عن الوقوف على أسرار الطبيعة. وهذا هو المخ الكبير في عالم البشرية الشيخ الرئيس يقول: " بلغ علمي إلى حد علمت أني لست بعالم ".
تحليل فلسفي آخر للشرور قد وقفت على التحليل الفلسفي الماضي، وهناك تحليل فلسفي آخر لمشكلة البلايا والمصائب ولعله أدق من سابقه، وحاصله:
إن الشر أمر قياسي ليس له وجود نفسي وإنما يتجلى عند النفس إذا قيس بعض الحوادث إلى بعض آخر، وإليك بيانه:
إن القائلين بالثنوية يقولون إن الله سبحانه خير محض، فكيف خلق العقارب السامة والحيات القاتلة والحيوانات المفترسة والسباع الضواري ولكنهم غفلوا عن أن اتصاف هذه الظواهر بالشرور اتصاف قياسي وليس باتصاف نفسي، فالعقرب بما هو ليس فيه أي شر، وإنما يتصف إذا قيس إلى الإنسان الذي يتأذى من لسعته، فليس للشر واقعية في صفحة الوجود، بل هو أمر انتزاعي تنتقل إليه النفس من حديث المقايسة، ولولاها لما كان للشر مفهوم وحقيقة. وإليك توضيح هذا الجواب.
إن الصفات على قسمين: منها ما يكون له واقعية كموصوفه، مثل كون الإنسان موجودا، أو أن كل متر يساوي مائة سنتيمتر. فاتصاف الإنسان بالوجود والمتر بالعدد المذكور، أمران واقعيان ثابتان للموجود، توجه إليه لذهن أم لا. حتى لو لم يكن على وجه البسيطة إلا إنسان واحد أو متر كذلك فالوصفان ثابتان لهما.
ومنه ما لا يكون له واقعية إلا أن الإنسان ينتقل إلى ذلك الوصف، أو بعبارة صحيحة ينتزعه الذهن بالمقايسة، كالكبر والصغر، فإن الكبر ليس