مع كونه ممكنا. فلازم الوقوع في حيطته وعدم الخروج عنها، كون الأشياء كلها حاضرة لدى ذاته. والحضور هو العلم لما عرفت من أن العلم عبارة عن حضور المعلوم لدى العالم.
ويترتب على ذلك أن العالم كما هو فعله، فكذلك علمه سبحانه.
وعلى سبيل التقريب لاحظ الصور الذهنية التي تخلقها النفس في مسرح الذهن، فهي فعل النفس وفي نفس الوقت علمها، ولا تحتاج النفس في العلم بتلك الصور إلى صور ثانية، وكما أن النفس محيطة بتلك الصور وهي قائمة بفاعلها وخالقها فهكذا العالم دقيقه وجليله مخلوق لله سبحانه قائم به، وهو محيط به.
2 - سعة وجوده دليل علمه أثبتت البراهين القاطعة أن وجوده سبحانه منزه عن الجسم المادة والزمان والمكان. هو فوق كل قيد زماني أو مكاني وما كان هذا شأنه يكون وجوده غير محدود ولا متناه إذ المحدودية والتقيد فرع كون الشئ سجين الزمان والمكان. فالموجود الزماني والمكاني لا يتجاوز إطار محيطه وأما المنزه عن ذينك القدين فلا يحده شئ ولا يحصره حاصر. وما هذا حاله لا يغيب عنه شئ ولا يحيطه شئ بل هو يحيط كل شئ.
وعلى سبيل التقريب نقول إن الإنسان الجالس في الغرفة الناظر إلى خارجها من كوة صغيرة لا يرى من القطار العابر إلا جزءا منه وهو بخلاف الواقف على السطح أو الناظر من أفق أعلى كالطائرة.
وعلى هذا الأصل فكلما كان الإنسان متجردا عن القيود تكون إحاطته بالأشياء أكثر وأكثر. والله المنزه عن الزمان والمكان وكل حد وقيد لا يحيط به شئ من الأشياء الواقعة في إطار الزمان والمكان، بل هو المحيط بكل ما يجري على مسرح الوجود.