الطغيان بإحساس الغنى، إذ يقول عز وجل: * (إن الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى) * (1).
ولأجل هذا يعلل القرآن الكريم بعض النوازل والمصائب بأنها تنزل لأجل الذكرى والرجوع إلى الله، يقول سبحانه: * (وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون) * (2).
ويقول أيضا: * (ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون) * (3).
هكذا تكون البلايا والمصائب سببا ليقظة الإنسان وتذكرة له، فهي بمثابة صفع الطبيب وجه المريض المبنج لإيقاظه، الذي لولا صفعته لانقطعت حياة المريض.
فقد خرجنا بهذه النتيجة وهي أن التكامل الأخلاقي رهن المحن والمصائب، كما أن التفتح العقلي رهن البلايا والنوازل.
والإنسان الواعي يتخذها وسيلة للتخلي عن الغرور، كما يتخذها سلما للرقي إلى مدارج الكمال العلمي، وقد لا يستفيد منها شيئا فيعدها مصيبة وكارثة في الحياة.
ج - البلايا سبب للعودة إلى الحق إن للكون هدفا، كما أن لخلق الإنسان هدفا كذلك، وليس الهدف من خلقة الإنسان إلا أن يتكامل ويصل إلى ما يمكن الوصول إليه. وليس الهدف من بعث الأنبياء وإنزال الكتب إلا تحقيق هذه الغاية السامية. ولما كانت المعاصي والذنوب من أكبر الأسباب التي توجب بعد الإنسان عن الهدف الذي خلق من أجله، وتعرقل مسيرة تكامله، كانت البلايا