قضية مطلقة، لا تخرج إلى عالم الوجود. مثلا إذا كان قيام زيد مشروطا بقيام عمرو، قيامه مشروطا بقيام بكر، وهكذا دواليك إلى غير النهاية، فلن يتحقق القيام عندئذ من أي واحد منهم أبدا - كما إذا شرط الأول إمضاءه للورقة بإمضاء الثاني، والثاني بإمضاء ثالث وهكذا، فلن تمضى تلك الورقة إلى الأبد - إلا إذا انتهت تلك القضايا إلى قضية مطلقة بأن يكون هناك من يقوم أو يمضي الورقة من دون أن يكون فعله مشروطا بشئ.
فهذه المعاليل المتسلسلة - بما أن وجود كل منها مشروط بوجود علة تتقدمه تكون قضايا مشروطة متسلسلة غير متناهية فلا تخرج إلى عالم الوجود ما لم تصل إلى قضية مطلقة، أي إلى موجود يكون علة محضة ولا يكون وجوده مشروطا بوجود علة أخرى، وعندئذ يكون ما فرضناه متسلسلا غير متسلسل، وما فرضناه غير متناه متناهيا.
فقد خرجنا بهذه النتيجة وهي أن فرض علل ومعاليل غير متناهية، فرض محال لاستلزامه وجود المعلول بلا علة. فيكون الصحيح خلافه أي انقطاع السلسلة، إذ لا واسطة بين الايجاب والسلب (1).
إلى هنا تمت المقدمات التي لها دور في توضيح برهان الإمكان وإليك نفس البرهان.
تقرير برهان الإمكان لا شك إن صفحة الوجود مليئة بالموجودات الإمكانية بدليل أنها توجد