وإلى ذلك يشير المحقق السبزواري في منظومته بقوله:
لسالك نهج البلاغة انتهج * كلامه سبحانه الفعل خرج إن تدر هذا، حمد الأشيا تعرف * إن كلماته إليها تضف (1).
إلى هنا وقفت على نظرية الحكماء في كلامه سبحانه وقد حان وقت البحث عن نظرية الأشاعرة في هذا المقام.
ج - نظرية الأشاعرة: جعلت الأشاعرة التكلم من الصفات الذاتية، ووصفوا كلامه سبحانه بالكلام النفسي، وقالوا: إن الكلام النفسي غير العلم وغير الإرادة والكراهة. وقد تفننوا في تقريب ما ادعوه بفنون مختلفة، وقبل أن نقوم بنقل نصوصهم نرسم مقدمة مفيدة في المقام فنقول: لا شك أن المتكلم عندما يخبر عن شئ ففيه عدة تصورات وتصديق، كلها من مقولة العلم، أما التصور فهو عبارة عن إحضار الموضوع والمحمول والنسبة بينهما في الذهن. وأما التصديق فهو الاذعان بنفس النسبة على المشهور.
ولا شك أن التصور والتصديق شعبتا العلم. والعلم ينقسم إليهما. وقد قالوا: العلم إن كان إذعانا بالنسبة فتصديق وإلا فتصور. هذا في الإخبار عن الشئ.
وأما الانشاء، ففي مورد الأمر، إرادة في الذهن وفي مورد النهي، كراهة فيه. وفي الاستفهام والتمني والترجي ما يناسبها.
فالأشاعرة قائلون بأن في الجمل الإخبارية - وراء العلم - وفي الإنشائية، كالأمر والنهي مثلا، وراء الإرادة والكراهة، شئ في ذهن المتكلم يسمى بالكلام النفسي وهو الكلام حقيقة، وأما الكلام اللفظي فهو تعبير عنه، وهذا الكلام (النفسي) في الإنسان حادث بتبع حدوث ذاته، وفيه سبحانه قديم لقدم ذاته، ولأجل إيضاح الحال نأتي بنصوص أقطاب الأشاعرة في المقام.