يرى علما إلا علم السلف، فما يخوضون فيه يخوض فيه، وما لا يخوضون فيه من أمور الدين يراه ابتداعا يجب الإعراض عنه. وهذه المسألة لم يتكلم فيها السلف فلم يكن له أن يتكلم فيها. والمبتدعون هم الذين يتكلمون، فما كان له أن يسير وراءهم وكان من واجبه حسب أصوله أن يتوقف ولا ينبس ببنت شفة. نعم نقل عنه ما يوافق التوقف رغم ما نقلنا عنه من خلافه وأنه قال: من زعم أن القرآن مخلوق فهو جهمي، ومن زعم أنه غير مخلوق فهو مبتدع.
ويرى المحققون أن إمام الحنابلة كان في أوليات حياته يرى البحث حول القرآن، بأنه مخلوق أو غير مخلوق، بدعة. ولكنه بعد ما زالت المحنة وطلب منه الخليفة العباسي المتوكل، المؤيد له، الإدلاء برأيه، اختار كون القرآن ليس بمخلوق. ومع ذلك لم يؤثر عنه أنه قال إنه قديم. (1).
موقف أهل البيت (عليهم السلام) إن تاريخ البحث وما جرى على الفريقين من المحن، يشهد بأن التشدد فيه لمن يك لإحقاق الحق وإزاحة الشكوك، بل استغلت كل طائفة تلك المسألة للتنكيل بخصومها. فلأجل ذلك نرى أن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) منعوا أصحابهم من الخوض في تلك المسألة، فقد سأل الريان بن الصلت الإمام الرضا (عليه السلام) وقال له: ما تقول في القرآن؟
فقال (عليه السلام): " كلام الله لا تتجاوزوه ولا تطلبوا الهدى في غيره، فتضلوا " (2).
وروى علي بن سالم عن أبيه قال: سألت الصادق جعفر بن محمد